فوزية الصباح 18/2/2008

جريدة الرآى 18/2/2008
إلى أصحاب القلوب المتحجرة اقرأوا هذه الرسائل
بقلم الشيخة/فوزية سالم الصباح

الرسالة الأولى: أولاً أشكرك على اهتمامك بقضية الكويتيين البدون... أنا عندي رسالة بما انك تتكلمين عنا من غير مقابل، بل لمساعدتنا وحل قضيتنا، وهذه الرسالة من كويتي من فئة البدون يعيش في الأردن، ولا يستطيع أن يوصل صوته لمن يريد، وأنا قلت أوصلها نيابة عنه، وهذا موضوعه....الاسم: الأسير الشهيد حمود ناصر بعنون العنزي، متزوج وأب لتسعة أبناء. الرتبة: رقيب أول في الجيش الكويتي. تاريخ الأسر: عام 1990 (تم العثور على رفاته بتاريخ 15/2/2004 من قبل اللجنة الوطنية لشؤون الاسرى والمفقودين). وعمي الله يرحمه الشهيد مطر ناصر بعنون العنزي الذي استشهد عام 1957 أثناء التدريب العسكري. تخيلوا شهيداً سنة 1957. أنا خالد ابن الشهيد حمود ناصر بعنون العنزي، وأنا وإخواني حالياً في الأردن بعد التحرير، علمنا أن والدي أسر في الحرب وقام الجيش العراقي بترحيله إلى العراق مثله مثل الأسرى الآخرين ولم يبقَ لنا أحد في الكويت أيام الغزو بعد أسر والدنا، ونحن كنا صغار السن وكانت حياتنا صعبة. فجأة لم تجد أبوك اللي كان معاك دايم وأكيد انتوا تعرفون الاحساس هذا شنو وتكون ما تقدر تمشي أو تاكل أو تتحرك من البيت. هذا الشعور كان عندنا والله كنت مثل المجنون أنا وإخواني لا عم لا خال لا أبو يدير باله علينا، وكان أخوي غانم الكبير عمره في هذاك الوقت 13 سنة وبعد ماجينا للأردن بصورة غير قانونية قدمنا على الأمم المتحدة (المفوضية السامية) في الأردن، وبعد ما علمنا أن والدي استشهد أعدموه العراقيون وأعلنت عنه الكويت في التلفزيون بالشهيد حمود ناصر بعنون العنزي كويتي الجنسية. تخيلوا أبو دفنوه في الكويت بالعلم الكويتي واحنا ما حضرنا الدفن، لأننا بدون. والله حنا الحين بالاردن مالنا أحد وأوضاعنا صعبة وما نقدر نطلع خارج منطقتنا، حتى لو طبيب بعمان ما نقدر نذهب، وأمي الآن تعاني من الضغط والسكر والقلب وما نقدر نوديها لأخصائي بعمان عشان ما عندنا اثباتات نمشي فيه. طبعاً ما في دراسة... والله حرام هذا جزاء الشهادة أبوي شهيد وأنا وإخواني هاذي حالتنا لدرجة طبيب ما أقدر أودي أمي مو حرام إخواني الصغار يقولون لي ودنا المدينة الترفيهية اللي بعمان ما أقدر أوديهم، والله من يقولونها لي بودي الأرض تنشق وتبلعني، هذيلا شنو ذنبهم عشان يصير أبوهم شهيداً، وبدون خلوها على الله. الله كريم ما ينسى عبده تدرون، وأنا قاعد أكتب هالقصة قاعد أتذكر شيئاً أبوي قالي إياه أيام الحرب قبل أسره بشهرين «الكويت ما تروح لأن فيها رجالاً ما يخلونها يحمونها من العدوان». والله كل يوم أتذكر أبوي وأقعد أبجي أتذكر أبوي الله يرحمه. والله مظلومين وين العدل وين أهل الغيرة وين أهل النخوة وين الإنسانية، والله على ما أقول شهيد.هاذي شوية من المعاناة التي نعيشها أنا وإخواني. أتمنى أني وصلت لج أيتها الإنسانة الفاضلة الشيخة فوزية الصباح. الله يحفظج ويخليج ويبعدج عن كل مكروه، وما على رسول إلا البلاغ وانتي أيتها الجوهرة الطاهرة أعرف لن تقصري مع المظلوم.
الرسالة الثانية:أنا شاب بدون عمري 24 سنة، ورغم وضعنا المادي السيئ إلا أننا دائماً نحمدالله على الشينة والزينة، فوالدي خدم بالجيش 31 سنة وشارك بتحرير الكويت عام 1990 وأصيب إصابة مباشرة بشظايا عدة، وتم بعون الله استخراج شظية الرأس بعد عملية جراحية في غاية الخطورة. أما الشظية بالقرب من العمود فأكد الأطباء أنه من الصعوبة استخراجها لأن احتمالات إصابته بالشلل متوقعة، وحتى هذه اللحظة والدي يصرخ ليلياً من شدة الألم وليس أمامه سوى تعاطي المسكنات. والغريب في الأمر أن آلاماً جديدة انتابته بالحوض في العام الماضي، وعند إجراء التحاليل والأشعات على حسابه وليس على حساب الدولة التي فداها بروحه تبين وجود شظية ثالثة بالحوض، وهو ونحن لم نشعر بالندم عن مشاركته بتحرير الكويت، بل بالفخر. ولكننا شعرنا بالألم والحزن عندما يطلق البعض تصريحاته ويقولون إن البدون ليس لهم ولاء للكويت، وإن أصولهم معروفه طبعاً. أصولنا معروفة، فأصولنا من اصول الذين سبقنا وحصل على الجنسية، وأصولنا من أصول الذي يتهموننا بوطنيتنا ويوجهون لنا الشتائم، ولسان حالهم يقول: «من سبق لبق». رغم أن جدي مولود في الكويت عام 1921 ميلادي وعنده أوراق قديمة، وله عقد زواج قديم بكتابة اليد على أحد المشايخ المعروفين، وبعد ذلك اشتغل في شركة نفط الكويت في بداية الخمسينات. ما عندنا أي مشاكل وملف والدي العسكري نظيف. ومع ذلك انحرمنا من أبسط حقوقنا وأتمنى من الذين يشتموننا بدافع العنصرية والحقد أن يشاهدوا والدي، وهو يتألم فأنا أعلم أنهم لن يتحملوا ألمه لدقائق.
الرسالة الثالثة: لن أطيل عليك أيتها الكريمة، ولكن جبيني ينحني شكراً وتقديراً لإنسانيتك الحقة، لضميرك الحي ولمبادئك الراسخة رسوخ الجبال الثوابت. هنيئاً للعدل بنموذجك الأبي وهنيئاً للحق برعايتك الكريمة له وهنيئاً للإنسانية لمثاليتك. دمت ودمت ودمت وبوركت خطاك وعوضك الله عز وجل بكنوز الثواب العظيم الذي تستحقينه، كما أنت الخير دائماً بالفعل شمس مواقفك الكريمة لا تغطيها سحب الظلم والجور مهما طال الزمن. ويبقى الله عز وجل هو الرب العالم بسرائر النفوس وهو أرحم الراحمين... رغم الألم والحزن... تبقى الكويت أنفاسنا. رغم الظلم ورغم المعاناة... تبقى الكويت سلاحنا. رغم الانتظار والانكسار... تبقى الكويت أملنا. مع خالص التحية ندى.
ملحوظة لا يمكن لأي إنسان أن ينكر الدور الكبير الذي يقوم به وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد لحل مشكلة الكويتيين البدون حلاً نهائياً، ولا يمكن لأي إنسان أن ينكر الدور الإنساني الذي قام به الوكيل المساعد للجنسية والجوازات لهذه الفئة، فلكما الشكر والتقدير ومازلنا ننتظر منكما الحل النهائي، فأنتما الأقدر على حلها وأنتما قدها وقدود.